أراء الشارع المغربي حول المعارضة… بين متعاطف وناقد وساخر

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في ظل الولاية التشريعية الحالية (2021–2026)، تثير المعارضة البرلمانية المغربية نقاشا واسعا بشأن أدائها ودورها داخل المؤسسة التشريعية ” البرلمان بغرفتيه” ، وسط انتقادات حادة، وتباين واضح في آراء الشارع المغربي.

– ارتباك داخلي يعرقل الفعالية

رغم تنوع مكونات المعارضة، التي تضم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الحركة الشعبية، التقدم والاشتراكية، والمجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، إلا أن تباين المواقف والصراعات الداخلية بين مكوناتها ساهم في إضعاف صوتها الجماعي، و أبرز تجليات هذا الارتباك تجلت مؤخرًا في فشل ” ملتمس الرقابة ” وتلاها واقعة اخرى تتعلق بالخلاف الحاد بين الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية بشأن رئاسة لجنة العدل والتشريع، ما أدى إلى تعطيل عدد من أشغال المجلس وتأجيل جلسات تشريعية مهمة.

مصدر من داخل الفريق الاشتراكي أكد للجريدة أن “الاختلافات مشروعة داخل المعارضة، لكن غياب التنسيق أضعف أدائنا أمام حكومة تملك الأغلبية العددية وتشتغل بسرعة تشريعية كبيرة”.

– انتقادات لأداء المعارضة: غائبة أم مُغيَّبة؟

تواجه المعارضة اتهامات بعدم تقديم بدائل ملموسة والتركيز فقط على الخطاب النقدي، دون بلورة مشاريع أو مقترحات تخلق توازنًا حقيقيًا داخل البرلمان، وحتى واقعة اكتمال مشروع ” ملتمس الرقابة ” تم إجهاضه في مهده ، كما وجهت للمعارضة ، ملاحظات بشأن ضعف حضورها السياسي، سواء في جلسات الأسئلة الشفوية أو خلال النقاشات المرتبطة بالملفات الكبرى، في مقابل هيمنة واضحة للأغلبية الحكومية.

وفي هذا السياق، تساءلت مصادر مهتمة بدور المعارضة داخل البرلمان، في تصريح ل ” هبة بريس ” : “هل نحن أمام معارضة حقيقية أم مجرد حضور شكلي؟ في كثير من اللحظات، يبدو أن المعارضة تحضر لتبرير غياب الصراع السياسي أكثر من ممارسته”

– رأي الشارع المغربي في المعارضة 

خلال استقراء للوضع من طرف قراء الجريدة شمل مدنا كبرى كطنجة، الدار البيضاء، القنيطرة، مراكش، الحسيمة، أكادير، والعيون، رصدت الجريدة تباينا في مواقف المصرحين تجاه أداء المعارضة.

في طنجة، يقول الشاب (م.ب)، 33 عاما، “صحيح أن المعارضة لا تملك السلطة، لكنها صوتنا داخل البرلمان، وأحيانا تحرج الحكومة في ملفات حساسة، ولا يمكن من خلال ذلك إنكار دورها تماما”.

في المقابل، ترى فاعلة جمعوية من القنيطرة أن “المعارضة الحالية لم تعد تملك الكاريزما أو الجرأة الكافية، وأغلب خرجاتها تبدو كأنها موجهة للاستهلاك الإعلامي فقط”.

أما في مراكش، عبّر أحد المواطنين بنبرة ساخرة: “الأغلبية والمعارضة وجهان لعملة واحدة، كلهم يمثلون دورًا شكليًا في مشهد سياسي فارغ من الجدوى، لنقول في الأخير أنه مجرد “كومبارس” لا أكثر”.

وفي وسط المملكة مدينة أكادير، عبر محمد. ج وهو تاجر، أن المواطنين من خلال ما يقع لا يعترفون لا بالمعارضة ولا بالأغلبية، بل ثقتهم في جلالة الملك محمد السادس فقط، هو من يقود الإصلاحات في البلاد.

وبمدينة العيون أشاد المواطن يحضيه .ع متقاعد، بالمشاريع الملكية في الصحراء المغربية، وحين سؤاله عن دور المعارضة بالبرلمان، أجاب بكل عفوية ” نحن بالصحراء لا نعرف معارضة من أغلبية، نعرف جلالة الملك أطال الله في عمره، الذي حول الصحراء إلى منطقة مزدهرة بين كل الأقطاب “.

بين الطموح الشعبي والواقع السياسي

رغم محاولات بعض الفرق البرلمانية داخل المعارضة إثبات وجودها من خلال مساءلة الحكومة أو تقديم ملتمسات رقابية، إلا أن هذه المبادرات غالبًا ما تُقابل بتجاهل سياسي وإعلامي.

من جهة أخرى، يزداد انعدام الثقة في العمل السياسي لدى فئات واسعة من المواطنين، خاصة الشباب، ما يجعل مهمة المعارضة أكثر تعقيدًا في ظل تراجع المشاركة السياسية عامة.

المعارضة البرلمانية في المغرب تجد نفسها أمام امتحان سياسي صعب، فبين تحديات التنسيق الداخلي، والضغط الشعبي، والتهميش المؤسساتي، يبقى أداؤها باهتًا في نظر كثيرين، فيما يرى آخرون أنها تحتاج إلى نفس جديد وأسلوب أكثر جرأة لتستعيد ثقة الشارع.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن المعارضة من تعديل مسارها والقيام بدورها الدستوري الحقيقي؟ أم ستظل رهينة حسابات حزبية ضيقة تجعل منها مجرد رقم في معادلة سياسية محسومة سلفًا؟.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى