الملك يسحب البساط من تحت “تجارالانتخابات”

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في خطوة وصفت بأنها حاسمة لإعادة الاعتبار للعملية الانتخابية وقطع الطريق على محاولات التلاعب السياسي، رسم الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 26 لعيد العرش، معالم التحضير المبكر للاستحقاقات التشريعية المرتقبة سنة 2026، محدداً أجلا زمنيا صارما لاعتماد الإطار القانوني المنظم لها قبل متم 2025.خطوة تؤكد أن ملك البلاد لا يترك مجالا للارتجال أو الحسابات الحزبية الضيقة في ملف من هذا العيار.

– الملك يحذر من منزلقات اللحظة 

 

التوجيهات السامية التي صدرت بشأن الإعداد المبكر للانتخابات التشريعية المقبلة ليست مجرد إشارة تقنية، بل تعكس عمق الرؤية الملكية نحو تخليق الحياة السياسية وتجنيب البلاد الوقوع في فخ التوترات والتجاذبات التي عادةً ما تُصاحب اقتراب الاستحقاقات.

مهتمون بالشأن الحزبي اعتبروا أن تحديد الأجل الزمني لاعتماد القوانين التنظيمية ليس مجرد تدبير إداري، بل هو دعوة صريحة لبناء توافقات شفافة خارج زمن التسويات المصلحية التي تُولد على أبواب الانتخابات.

– توافق وطني خارج زمن الطوارئ – السياسية

التجربة السياسية المغربية أظهرت أكثر من مرة أن التأخر في حسم الإطار الانتخابي يفتح الباب أمام مناورات لا تخدم المسار الديمقراطي، لذلك، فإن المبادرة الملكية جاءت لتكريس ثقافة التحضير الهادئ والمسؤول، بعيداً عن منطق المعاملات السياسية الآنية.

المهتمون يرون أن تأطير الانتخابات في وقت مبكر يضمن مسافة كافية للحوار السياسي المنتج، ويبعد شبهة التوظيف الظرفي، خاصة في ظل التجاذبات التي باتت تطبع العلاقة بين مكونات المشهد الحزبي، سواء داخل الأغلبية أو في مواجهة المعارضة.

لا ديمقراطية بدون قواعد واضحة

الخطاب الملكي أرسل رسالة قوية مفادها أن احترام الديمقراطية يبدأ من تأهيل أدواتها القانونية والمؤسساتية، وأن أي تلكؤ في هذا الاتجاه يُعد تهديدا للاستقرار السياسي والمؤسساتي.فالانتخابات ليست مجرد لحظة عابرة، بل هي ما يؤسس لسياسات خمس سنوات قادمة، ويعيد تشكيل التوازنات داخل الدولة.

المراقبون يرون أن المغرب، في ظل انفتاحه السياسي وارتباطه المتزايد بالمعايير الدولية للنزاهة والشفافية، لا يمكنه أن يغامر بمنظومة انتخابية مرتجلة، أو متأخرة الصياغة، قد تُضعف من مصداقيته أمام شركائه الدوليين.

– إشارات ملكية مشددة: لا مكان لخطاب التبرير

التوجيه الملكي لم يكتف بوضع السقف الزمني، بل أرفقه برسالة تحذير صريحة من الانزلاق نحو صراعات المصالح ومناورات “ترتيب المواقع”. وهو ما يعد تنبيها مباشرا  للنخب السياسية إلى أن زمن التسويات الضيقة قد ولى، وأن اللحظة تقتضي وعيا وطنيا بحجم رهانات المرحلة، خصوصا مع تعدد الأوراش الاقتصادية والاجتماعية التي تقتضي استقراراً سياسياً حقيقياً.

كما حمل الخطاب دلالة رمزية في ظل المتابعات القضائية التي طالت عدداً من المنتخبين، ما يضع أمام الجميع سؤالاً حرجاً: كيف نضمن تمثيلية نزيهة إذا لم نُحصن مدخلها التشريعي أولاً؟.

من أجل منظومة سياسية لا تستثني أحدا

الخطاب الملكي لم يُغفل كذلك بعض الإشكالات المزمنة المرتبطة بالتمثيلية، مثل ضعف حضور النساء والشباب، والغموض المستمر بشأن مشاركة مغاربة الخارج. وهي ملفات تؤكد الحاجة إلى مراجعة عميقة تُقوّم الأعطاب وتُوسّع دائرة المشاركة، لا أن تُختزل في تسويات حزبية معلبة.

– صيانة الديمقراطية مسؤولية الجميع

بوضوح تام، وضع الملك محمد السادس الكرة في ملعب الفاعلين السياسيين، مطالبا إياهم بارتقاء يوازي طموح المرحلة. فالإصلاح الانتخابي لم يعد ترفا سياسيا  أو مناسبة للمساومة، بل أصبح ضرورة مؤسساتية لحماية استقرار البلاد واستدامة ثقتها الداخلية والخارجية.

لقد سُحب البساط من تحت أقدام من يحاولون تطويع القوانين الانتخابية لخدمة أجنداتهم الخاصة، والرسالة باتت جلية: لا إصلاح بدون تخليق، ولا ديمقراطية بدون مؤسسات قوية وقوانين شفافة، ولا انتخابات تُبنى على قاعدة التوافقات الوقتية، بل على إرادة وطنية مسؤولة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى