
قراءة في قانون المسطرة الجنائية الجديد
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
من خلال التصويت الذي جرى يوم أمس الثلاثاء 20 ماي الجاري على قانون المسطرة الجنائية الجديد ، يمكن تقديم قراءة نقدية تتناول عدة جوانب سياسية، قانونية واجتماعية، بداية، مع وجود 130 نائبا موافقا و40 نائبا معارضا، يمكننا ملاحظة أن المصادقة تمت بأغلبية واضحة، لكن في الوقت نفسه، النسبة المئوية للبرلمانيين الذين شاركوا في التصويت لم تتجاوز 50%، وهو ما يُعد مؤشرًا مثيرًا للتساؤل.
. نسبة الحضور والتصويت
تصويت 170 من أصل 395 عضوًا في البرلمان يعني أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 43% تقريبا، هذه النسبة تُعتبر منخفضة جدًا إذا ما قورنت بالمعايير الديمقراطية المتعارف عليها، حيث أن غياب أكثر من نصف أعضاء البرلمان عن التصويت يعكس إما عدم اهتمام بالموضوع المطروح، أو إفلاسًا سياسيا في عملية التأثير على التشريعات المهمة، التي تهم حياة المواطنين.
من زاوية أخرى، يُظهر هذا التقاعس في الحضور نوعًا من فقدان الثقة لدى بعض النواب في العملية التشريعية أو في أهمية الموضوع نفسه، وهذا بدوره يطرح تساؤلات حول جدوى عملية التصويت نفسها وما إذا كانت تستحق التعبئة اللازمة من قبل جميع النواب.
. الجدل الذي صاحب المشروع
قبل التصويت، شهد مشروع قانون المسطرة الجنائية جدلاً واسعًا داخل البرلمان ل8 ساعات وكذلك النقاش الدائر داخل مكونات المجتمع المدني، حيث كان هناك من يرفض بعض التعديلات المقترحة التي اعتبرها انتقاصًا لحقوق الإنسان، خاصة في ما يتعلق بالإجراءات الجنائية وحقوق المتهمين، بعض النقاط التي أثارت الجدل تتعلق بـ:
توسيع صلاحيات النيابة العامة، مما يراه البعض تعديًا على استقلالية القضاء.
توسيع نطاق الحبس الاحتياطي، وهو ما يُعتبر بمثابة خطر على الحرية الشخصية.
تغييرات في الإجراءات المتعلقة بالاستجواب والاستماع للشهادات، التي قد تؤدي إلى إضعاف ضمانات المتهمين في محاكماتهم.
وقد جاء الجدل في سياق المطالبات بتحقيق التوازن بين مكافحة الجريمة وحماية الحقوق الفردية، حيث يرى البعض أن التعديلات قد تضر بحرية الأفراد وتفتح المجال لمزيد من التجاوزات.
. النقد السياسي والاجتماعي
التصويت الغير مكتمل يعكس جزءًا من الاستياء الشعبي تجاه مواقف بعض البرلمانيين، الذين يظهرون وكأنهم لا يعيرون اهتمامًا لقضايا هامة تمس حياة المواطنين، وقد عبّر البعض عن هذه الغضب بالقول: “مهزلة بكل المقاييس”، مشيرين إلى أن البرلمانيين يتقاضون أجورًا مقابل عدم أداء واجبهم الوطني بشكل كامل، هذه العبارات تشير إلى فقدان الثقة في المؤسسات التشريعية وعدم جدية بعض النواب في أداء عملهم.
من ناحية أخرى، قد يطرح هذا الوضع تساؤلات حول مصداقية البرلمان وقدرته على التأثير الفعلي في التشريع والسياسة العامة، من المعروف أن العديد من القضايا، خاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان أو التعديلات القانونية الكبرى، تتطلب إجماعًا سياسيًا واسعًا ومشاركة فعالة من جميع الأطراف السياسية.
– المصادقة في ظل هذا السياق
على الرغم من الجدل الكبير، فإن القرار النهائي بالموافقة على قانون المسطرة الجنائية قد يعكس رغبة الحكومة في إصلاح النظام القضائي والتصدي للجريمة، وهو هدف مشروع، لكن غياب الحضور والضعف في النقاش البرلماني قد يجعل هذا الإصلاح ينظر إليه من قبل البعض كأنه قرار مفروض أكثر من كونه مبنيًا على توافق وطني.
في النهاية، بالرغم من الأغلبية المصوتة لصالح القانون، تبقى النسبة المنخفضة للمشاركة والجدل الواسع حول بعض التعديلات إشارة على أن عملية التشريع تحتاج إلى مراجعة شاملة في كيفية إشراك المواطنين والبرلمان بشكل أعمق في النقاشات المتعلقة بالمواضيع الحساسة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X