هذه رسائل “الأحرار” من معقلهم بمدينة الانبعاث

هبة بريس

تميزت نهاية الأسبوع الفائت، بتنظيم حدث حزبي كبير شد انتباه الرأي العام والمتتبعين. هو انعقاد الجولة الرابعة من “مسار الإنجازات” بجهة سوس ماسة، هاته الجولات التي ينظمها حزب التجمع الوطني للأحرار، بجميع جهات المملكة، بهدف الإنصات للمواطنين والقرب منهم، وتعزيز التواصل المباشر مع الساكنة وإطلاعهم على المنجز الحكومي.

محطة سوس، التي ترأسها عزيز أخنوش، رئيس الحزب، وشارك فيها مجموعُ أعضاء مكتبه السياسي الأربعون، وتسعة وزراء، إلى جانب حضور مكثف لمناضلي “التجمع” ومنتخبيه وساكنة أكادير والجهة ناهز 5 آلاف و500 شخص، اتسمت وفق متتبعين، بالرصانة الكبيرة التي أبداها أخنوش في خطابه، وذلك بعد هجمات كثيرة تعرض لها هو وحزبه وعدد من وزرائه، كانت تفرض إلقاءَه لخطاب سياسي صدامي.

فقد كان الجميع ينتظر من أخنوش وفريق الوزاري ومنتخبيه، الذين اعتلوا المنصة أمام حشودٍ من ساكنة قلب المملكة الجديد، وتحت عدسات الكاميرات التي تؤمن النقل المباشر للملايين، أن يردوا على قصفهم بقصف مضاد، على غرار ما نشهده منذ مدة ليست باليسيرة، خاصة مع حزب “المصباح”، من تحولِ السياسة في بلادنا إلى فرجة فوق ركح مسرح صدامي، حيث يستمتع الجمهور في وسائل التواصل الاجتماعي بمشاحنات وشطحات السياسيين، ويستنكرها بعضهم.

بيدَ أن ما وقع في منصة “الأحرار” هذه المرة كان عكْسَ ذلك تماما، إذ بدا عزيز أخنوش ثابتا ميالا إلى التهدئة، ليس في الكلمة التي ألقاها أمام الآلاف في معقله الانتخابي فقط، ولكن حتى في الإخراج العام الذي تم وضعه لهذا اللقاء الحزبي الأكبر من نوعه، والذي تلا ثلاثة لقاءات أخرى انطلقت من أقصى جنوب المملكة، وشملت كلا من جهة الداخلة وادي الذهب، والعيون الساقية الحمراء، وكلميم واد نون.

اخنوش بعث عددا من الرسائل الأولى مفادها أن المساس باستقرار وأمن المغرب خط أحمر، وهي عبارة شاملة لكثير من مؤشرات الانزلاق التي طفت على السطح أخيرا.

أما الرسالة الثانية، التي وجهها زعيم حزب “الحمامة” في نص خطابه، فهي أن “التجمع” لن يصارع حلفاءَه ولن ينجر إلى تعطيل العمل الحكومي بسبب دنو محطة الانتخابات التشريعية التي لا يفصلنا عنها سوى سنة ونيف. لذلك انتقى عبارات دالة من قبيل: “الحكومة ستعمل إلى آخر دقيقة من ولايتها”، و” حلفاؤنا في الأغلبية”، و”عمل وزراء الأحزاب الأخرى”..

ثالث رسائل خطاب رئيس الحكومة، هي أن هذه الأخيرة لن تنساق نحو التراشق السياسي والإعلامي مع بعض الأطراف في المعارضة، وفي مقدمتهم حزب العدالة والتنمية الذي يستغل جميع المناسبات لانتقادها، ليكون جوابها في المقابل هو تسريع وتيرة الإنجازات في الميدان.

اختيار التوجه نحو التهدئة مع الحلفاء، وعدم السقوط في فخ المعارضة، ظهر جليا كذلك في خطاب القياديين التجمعيين الذين تناوبوا على الكلمة. وهيمن على المنصة لإلقاء الكلمة المنتخبين والطلبة والمستثمرين وسكان الجهة.

كما يُلاحظ، في هذا السياق، أن عزيز أخنوش ظل وفيا لنهجه نفسه من ناحيتين: أولاً نجاحات الحكومة هي بفضل استراتيجيات وتوجيهات جلالة الملك، وليس هذا بحال اختباء وراء الملك، ولا تهرب من تطبيق الدستور. فرئيس الحكومة الحالي، قطع سياسيا مع تجربة حكومية سابقة، تمت خلالها شخصنة عمل الدولة والحلفاء ونسبته إلى أنا متضخم، لا يفتأ يردد عبارة: “أنا رئيس الحكومة وأنت مجرد..”.

ثانيا، في ما يتصل بتدبير النجاحات، لا يتحدث أخنوش عن شخصه، بل عن “وزراء الأحزاب الأخرى” وعن “حلفائه في الأغلبية”، وهو أيضا أسلوب خاص في القطع مع تجربة سابقة في تدبير التحالفات. وهذا مما يجعل الأغلبية التي يقودها أخنوش، هي الأكثر استقرارا والأقل توترا خلال خمسٍ وعشرين سنة الأخيرة..



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى