
سطات.. هل تحوّلت إلى ملجأ قسري للمشرّدين والمختلين؟
محمد منفلوطي_ هبة بريس
هي حافلات، ناقلات سمها ماشئت، هي التي تتوقف للتخلص من حمولتها “البشرية” غربا شرقا على مشارف مدينة هي بذاتها تعاني الويلات…متشردون مختلون عقليا يأخذهم المسير كيلومترات عدة نحو عمق المدينة لينتشروا في أرجائها..وهناك تبدأ الحكاية والرواية..والأمل قائما أن لا تتكرر الفواجع…
هي مدينة سطات، مدينتي ومدينتك وحضن الجميع الدافئ، هي قلب الشاوية النابض حبا وكرما ومواقف بطولية تغنت بها الأجيال ونسج كلماتها شعراء وأدباء وفنانون…، طالما كانت شامخة ثابتة بنشاطها الاقتصادي، وبموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط شمال المغرب بجنوبه.
غير أن واقعها اليوم بات يطرح أكثر من علامة استفهام. فالمدينة يوما بعد يوم باتت تغرق في صمت ثقيل، وتعيش تحوّلاً ديموغرافيًا وسوسيو-اجتماعيًا غير مسبوق.
** سطات… محطة نهائية لمن لا محطة له؟
في الآونة الأخيرة، لوحظ تزايد مثير في عدد المتشرّدين والأشخاص في وضعية اختلال عقلي يجوبون أزقة المدينة، بلا مأوى، بلا رعاية، وبلا أفق، لكن ما يثير الاستغراب أكثر هو أن أغلب هؤلاء لا ينحدرون من المدينة، بل يتم، حسب شهادات متقاطعة، “ترحيلهم” من مدن أخرى كبرشيد والدار البيضاء، عبر وسائل نقل خاصة، بل وأحيانًا في “قوافل ليلية” تُنزلهم على عجل في الهامش أو وسط المدينة، ثم تنصرف.
** ترحيل ممنهج أم فشل مؤسساتي؟
أسئلة مُلحّة تفرض نفسها: هل تحوّلت مدينة سطات إلى “مكبّ اجتماعي” يُلقى فيه كل من لفظته المدن الكبرى؟ من الجهة التي تسمح أو تغضّ الطرف عن هذه الممارسات؟ ولماذا هذا الصمت أمام هذا العبث بحقوق الإنسان وبصورة المدينة؟
يقول غيورون كثر من أبناء المدينة، إن “بعض العربات القادمة من خارج الإقليم، خصوصاً من البيضاء، تقوم بإنزال أشخاص في وضعيات غير طبيعية ثم تغادر، في غياب تام لأي تدخل من الجهات المعنية، سواء كانت أمنية أو اجتماعية أو صحية”.
** الشارع ملك للجميع… لكن!
صحيح أن الشارع فضاء عمومي، لكن ترك أشخاص في حالة هشاشة قصوى، يعانون من اضطرابات عقلية أو نفسية، دون رعاية طبية أو اجتماعية، لا يُعد فقط استهتارًا بكرامتهم، بل يشكل أيضًا تهديدًا حقيقيًا للسلم الاجتماعي، وقد سجل السكان، في مناسبات عدة، حالات اعتداء وتخريب وإثارة للفوضى، زادت من مشاعر القلق والخوف في صفوفهم.
** رسالة مفتوحة… قبل فوات الأوان
مدينة سطات هي عاصمة الشاوية، بتاريخها ورجالاتها وموقعها، وتستحق أن تُصان، لا أن تُحوّل إلى ملاذ قسري لمن لفظتهم مدن أخرى.
أسئلة معلّقة في سماء مدينة بدأت تفقد صبرها… وساكنتها تنتظر إجابة، قبل أن تتحوّل سطات إلى عنوان جديد للّامبالاة.
أملنا جميعا بعد الله عز وجل، في العامل الجديد المشهود له بالرزانة وبعد النظر، والتنزيل الحكيم للاستراتيجيات…رجل يحب الميدان وهو رجل الميدان، هذا ماسمعنا عنه وما استقيناه من أخبار ومعلومات عن الرجل من مقربين من محيطه…
هو عامل الإقليم السيد ” محمد علي حبوها” الذي تم تنصيبه أمس الاثنين، أملنا فيه بعد الله عز وجل أن تعود للمدينة كرامتها وعزتها، وأن تصبح قبلة لفرص الشغل والاستثمارات، لا أن تتحول إلى قبلة لتصدير الأزمات…
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X