
موجة الحرارة بالمغرب ..انتعاش للسياحة الشاطئية وإجهاد على قطاعات اخرى
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
تشهد المملكة المغربية، منذ أواخر شهر يونيو وبداية يوليوز الجاري، موجة حرارة شديدة وغير معتادة في هذا التوقيت من السنة، دفعت العديد من المواطنين والمصطافين إلى التوجه بكثافة نحو المدن الساحلية في محاولة للهروب من لهيب الأقاليم الداخلية والجنوبية، حيث تجاوزت الحرارة 46 درجة مئوية في بعض المناطق.
وفي سابقة لافتة، صنفت مدن مغربية الأكثر حرارة ، حيت احتلت مدينة بن جرير المركز العاشر عالميًا، حيث سُجّلت حرارة وصلت إلى 46,4 درجة مئوية، متبوعة بمدينة القنيطرة التي جائت في المركز الـ14 عالميا، حيث سُجلت حرارة بلغت 45,8 درجة مئوية، فيما حلّت مدينة تارودانت في المركز الخامس عشر والأخير ضمن قائمة الموقع ذاته، إثر تسجيلها حرارة تجاوزت بدورها 45 درجة مئوية، وفق بيانات رصد دولية، هذا المعطى المناخي المقلق بدأ ينعكس بشكل مباشر على عدة قطاعات، أبرزها السياحة والنقل والطاقة، مع آثار اقتصادية واجتماعية متفاوتة.
– انتعاش نسبي في السياحة الساحلية
في ظل ارتفاع درجات الحرارة، شهدت المدن الساحلية، مثل أكادير، الصويرة، الجديدة، والمضيق، ارتفاعًا كبيرًا في وتيرة الحجوزات الفندقية والكراء القصير الأمد، ما أنعش بشكل ملحوظ القطاع السياحي المحلي، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على السياحة الداخلية خلال فصل الصيف، ووفق مهنيين، فإن معدل الحجوزات في العديد من المؤسسات الفندقية تجاوز 85% مع بداية يوليوز.
إلا أن هذا الانتعاش لا يخلو من منغّصات، فقد عرف أحد شواطئ عمالة الصخيرات–تمارة نهاية الأسبوع الماضي حادثة اختناق جماعي وسط المصطافين بسبب الرطوبة المرتفعة ودرجات الحرارة التي فاقت المتوقع، ما أسفر عن تدخل فرق الوقاية المدنية لإنقاذ العشرات من الحالات، هذا الحادث أثار مخاوف واسعة من تأثير التغيرات المناخية المفاجئة حتى في المناطق الساحلية، والتي كانت سابقًا تُعتبر “ملاذًا آمنا” في مثل هذه الظروف.
– القطاع الفلاحي والطاقة في مرمى التأثير
من جهة أخرى، يواجه القطاع الفلاحي ضغوطًا متزايدة نتيجة هذه الموجة الحارة، حيث تأثرت بعض الزراعات الصيفية، خاصة في مناطق درعة وتافيلالت تم سوس ماسة ، بمعدلات تبخر عالية ونقص في المياه، وتشير تقديرات أولية إلى أن بعض المستثمرين الزراعيين قد يسجلون خسائر في المحاصيل تصل إلى 30% مقارنة بالعام الماضي، ما سيؤثر على أسعار الخضر والفواكه محليًا.
أما قطاع الطاقة الكهربائية، فقد سجل طلبًا غير مسبوق على استهلاك الكهرباء بسبب الاستخدام الكثيف لأجهزة التكييف والتبريد، وهو ما فرض ضغطًا على شبكة التوزيع في عدد من المدن، وسط تحذيرات من إمكانية تسجيل انقطاعات جزئية في حال استمر الوضع لفترة أطول.
– تحولات مناخية تعيد رسم الأولويات الاقتصادية
تشير هذه الظواهر إلى تحول مناخي هيكلي لم يعد استثنائيًا أو عابرًا، بل يبدو أنه أصبح واقعا موسميا يتطلب استجابة حكومية واستراتيجية طويلة الأمد مع تزايد حالات الإجهاد المائي والضغط على المدن الساحلية، تبرز الحاجة إلى تحسين البنية التحتية في المدن الشاطئية لضمان السلامة العامة وتسريع الانتقال نحو الزراعة الذكية والمقاومة للمناخ، مع اعتماد سياسات توزيع سياحي متوازن لتفادي الاكتظاظ والمخاطر الصحية، ودعم برامج التأمين الفلاحي ضد الظواهر المناخية القاسية.
فإن موجة الحر التي تضرب المغرب ليست مجرد حالة طقس صيفية، بل إن مؤشراتها الممتدة جغرافيًا وزمنيًا تُنذر بتحول مناخي عميق سيكون له أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، والسلوك المجتمعي، والتخطيط العمراني.
وعلى الرغم من الانتعاش المؤقت في بعض القطاعات، إلا أن تحديات السلامة، والضغط على الموارد، والانكشاف المناخي تفرض على المغرب مراجعة استراتيجياته البيئية والاقتصادية لمواجهة هذا المستقبل الجديد.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X