مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب أمام تحديات شيخوخة الأطقم الإدارية

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

تعتبر مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب من أبرز المؤسسات المالية التي لعبت دورا محوريا في دعم القطاع الفلاحي في المملكة المغربية على مدار عقود.

فقد كانت هذه المؤسسة تمثل دعامة أساسية في تمويل المشاريع الزراعية، وتقديم القروض الفلاحية للمزارعين، بل وساهمت في تنمية العديد من القطاعات المرتبطة بالزراعة، ولكن في الآونة الأخيرة، باتت هذه المؤسسة تواجه تحديات كبيرة قد تؤثر بشكل خطير على قدرتها على تحقيق هذه الأهداف.

– التحولات غير المتوقعة في السياسة الإدارية

أحد أبرز التحديات التي تواجهها مؤسسة القرض الفلاحي يكمن في إدارتها البشرية، تحديدا في مديرية تحصيل الديون التي تمثل واحدة من أركان العمل الأساسي داخل المؤسسة.

فبدلا من السعي إلى جذب الكفاءات الشابة والمؤهلة لتولي المهام الإدارية، تبين أن هناك توجها متزايدا نحو التعاقد مع المتقاعدين لشغل المناصب الحساسة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات.

فعلى الرغم من أن المؤسسة تعتبر من المؤسسات البنكية ذات الطابع الاستراتيجي، التي يحتاج فيها القطاع الفلاحي إلى إداريين شباب قادرين على ابتكار حلول جديدة، إلا أن هناك توجها مخالفا تماما تمثل في التعاقد مع متقاعدين لتولي مسؤوليات إدراية، وهو ما ينعكس على فعالية المؤسسة وقدرتها على التجديد والابتكار في دعم القطاع الفلاحي.

– التعاقد مع المتقاعدين: استراتيجية مُبهمة؟

أحد الأمثلة التي تثير العديد من التساؤلات في هذا السياق هو التعاقد مع مسؤول قديم داخل المؤسسة، الذي سبق أن بلغ سن التقاعد، ولكنه ظل يتلقى أجرا مرتفعا وامتيازات كاملة دون أن يُسند إليه أي مهام فعلية.

يتفادى هذا المسؤول التوقيع على الوثائق المهمة أو التورط في أي التزامات رسمية، وبالأخص في موقع حساس داخل مديرية تحصيل الديون، يتساءل العديد من الموظفين والمتابعين حول المبررات التي دفعت لإعادة التعاقد مع شخص لا يقدم قيمة مضافة.

هذه الحالة تثير الكثير من القلق حول غياب الشفافية في اختيار المسؤولين والموظفين داخل المؤسسة، فهل تم تعيين هذا المسؤول بناءً على كفاءته الشخصية أو علاقاته الخاصة؟ ولماذا يُستمر في توظيف أشخاص بلغوا سن التقاعد؟ هل يعكس هذا الواقع عجز المؤسسة عن توظيف الكفاءات الشابة التي يمكن أن تُسهم في تجديد الدماء داخل هياكلها؟.

– المخاطر المترتبة على هذا الوضع

الوضع الحالي في مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب يطرح تساؤلات عديدة حول مستقبلها، في وقت يُفترض أن تكون فيه المؤسسة رائدة في دعم الفلاحين وتوفير حلول مالية مبتكرة تساهم في تحسين الإنتاج الزراعي، تُظهر القرارات المتخذة في مجال إدارة الموارد البشرية بُعدا آخر من التحديات.

إن استمرار التعاقد مع المتقاعدين بدلاً من تشبيب الأطر قد يؤدي إلى إضعاف قدرة المؤسسة على التكيف مع متطلبات السوق الفلاحي المتجددة، والابتكار في تقديم الحلول المالية، كما أن هذا التوجه قد يُسهم في تدهور الأداء داخل المؤسسة ويؤثر سلبًا على قدرتها على دعم الفلاحة في المستقبل.

– أين نحن من التجديد؟

من المتوقع أن تواجه مؤسسة القرض الفلاحي أزمة مستقبلاً إذا استمرت في هذه السياسات الإدارية التي لا تُراعي ضرورة التجديد وتشبيب الأطر، ما الذي يمنع المؤسسة من الاستثمار في الكفاءات الشابة التي تمتلك القدرة على قيادة المرحلة المقبلة من التطوير؟ هل سيكون بإمكانها الاستمرار في لعب دورها الحيوي في دعم القطاع الفلاحي إذا استمرت في تجاهل أهمية الإصلاح الإداري؟

لقد أصبحت مؤسسة القرض الفلاحي للمغرب أمام مفترق طرق، بعد بروز عدة اشكاليات بفروعها بالمغرب سنتحدث عنها بالتفصيل في القادم من الأيام ، فهي اليوم بحاجة إلى مراجعة شاملة للسياسات الإدارية والموارد البشرية لديها. إذا كانت ترغب في الاستمرار في لعب دورها الفعال في دعم الفلاحة المغربية، يجب عليها أن تتخلى عن التركيز على الأطر المتقاعدة وتستثمر في الكفاءات الجديدة القادرة على العمل بروح من الابتكار والفعالية. الوقت الآن هو العامل الأهم في تحديد مصير هذه المؤسسة العريقة.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى